أصبح النقاش حول الفرق بين المكملات الغذائية والأدوية أكثر أهمية من أي وقت مضى في قراراتنا الصحية. ومن المدهش أن نكتشف أن الأدوية تخضع لاختبارات أمان صارمة قبل أن تصل إلى المستهلكين، بينما لا تخضع المكملات لأي تقييم تنظيمي فعلي قبل عرضها على رفوف المتاجر.
في هذا المقال، سنكشف ما تقوله الأبحاث العلمية عن مخاطر كل من المكملات والأدوية، وسنقارن بينهما من حيث فعاليتهما في بناء العضلات، ونوضح كيف يمكن أن يكون النظام الحالي لتصنيف هذه المنتجات مصدر خطر على صحتنا.
كيف يعمل كل من الأدوية و المكملات الغذائية:
بينما تُعتبر المكملات الغذائية امتدادًا للعناصر الغذائية، فإن الأدوية مواد كيميائية صُممت خصيصًا لعلاج الأمراض وشفائها،أما على المستوى الجزيئي، تتفاعل الأدوية والمكملات مع أجسامنا بطرق مختلفة تمامًا، مما يفسر تفاوت تأثيراتها و أمانها.
كيف تعمل الأدوية:
تعمل الأدوية من خلال آليات دقيقة، وتستهدف جزيئات محددة في الجسم. معظم الأدوية تؤثر على أربعة أهداف رئيسية:
- المستقبلات.
- القنوات الأيونية.
- الناقلات.
- الإنزيمات.
و تمر الأدوية بأربع مراحل داخل الجسم:
- الامتصاص.
- التوزيع،.
- الأيض.
- الإخراج.
أما فعالية الأدوية تأتي من قدرتها على الارتباط بمواقع محددة في الجسم. بعض الأدوية تحاكي الناقلات العصبية الطبيعية، بينما يقوم بعضها الآخر بحظر المستقبلات أو تعطيل العمليات الخلوية. على سبيل المثال، يمنع الكوكايين إعادة امتصاص الناقلات العصبية، ما يؤدي إلى تراكمها وتسببها في اضطرابات في التواصل العصبي في الدماغ.
هذا التركيز الشديد في عمل الأدوية يفسر فعالية العلاج إلى جانب الآثار الجانبية المحتملة. ولذلك، تخضع الأدوية لرقابة صارمة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، التي تراجع حتى طريقة التغليف وظروف التصنيع.
كيف تعمل المكملات الغذائية:
في المقابل، تقدم المكملات الغذائية دعمًا غذائيًا عامًا بدلاً من التأثير على آليات أمراض محددة. تحتوي المكملات على مكونات غذائية مثل:
- الفيتامينات.
- المعادن،
- الأعشاب أو النباتات.
- البرتينات أو الأحماض الأمينية.
على عكس الأدوية، أغلب المكملات الغذائية لا تمر بأي مراجعات أو تقييم قبل وصولها إلى الأسواق. حيث يتم تنظيمها كأطعمة، وليس كأدوية. كما أن الشركات المصنعة تحدد بنفسها معايير النقاء والفعالية، ما يؤدي إلى تفاوت كبير في الجودة.
- أظهرت دراسة حديثة بأمريكا أن 70% من المكملات الغذائية لا تحتوي على المركبات التي تدعيها في ملصقاتها بالمنتج أو تحتوي على منتجات أقل بكثير.
- وجد تحقيق من مجلة SELF أن بعض مكملات فقدان الوزن المتوفرة على منصات مثل أمازون وإيباي تحتوي على مكونات دوائية مخفية، مثل السيبوترامين، مما يشكل خطرًا صحيًا على المستهلكين.
المكملات أم الأدوية: فوائدهم في بناء العضلات
يصبح التمييز بين المكملات الغذائية والأدوية أكثر أهمية في مجال الرياضة و كمال الأجسام.
- الستيرويدات الابتنائية (Anabolic Steroids) : تعتبر من الأدوية الطبية و هي نسخ صناعية من هرمون التستوستيرون، تعزز نمو العضلات بشكل كبير ولكنها تحمل مخاطر صحية خطيرة مثل تلف الكبد، مشاكل القلب، وتأثيرات نفسية.
- الكرياتين Creatine : يعتبر من المكملات الغذائية و تدعم الكثير من الدراسات قدرته على زيادة الكتلة العضلية عند استخدامه مع تمارين المقاومة. ومع ذلك، تختلف قوة الأدلة العلمية حسب نوع المكمل. فبينما أثبتت فعالية الكرياتين و البروتين و أحماض أوميغا 3، فإن مكملات أخرى مثل BCAA و HMB تظهر نتائج متباينة.
ما سبق يعكس الفرق الأساسي بين الأدوية التي تقدم تأثيرات قوية ومباشرة لكنها تنطوي على مخاطر، في حين أن المكملات توفر دعمًا عامًا مع فوائد محدودة وآثار جانبية أقل.
الفرق بين المكملات الغذائية و الأدوية:
الفرق الأكبر بين الأدوية والمكملات هو طريقة تنظيم إدارة الغذاء والدواء لها. فبينما تخضع الأدوية لمراقبة صارمة من الإنتاج إلى التغليف، لا تتم مراجعة أو اختبار أغلب المكملات في أي من هذه المراحل
الأدوية تخضع للرقابة من المؤسسات الدولية
تمر الأدوية التي تباع بالصيدليات بعملية مراجعة شاملة قبل وصولها إلى السوق، من خلال مركز تقييم الأدوية التابع لإدارة الغذاء والدواء. ويشارك في هذه العملية فرق من الأطباء، الإحصائيين، الكيميائيين، والصيادلة. وتستغرق عادة 12 إلى 15 سنة. من بين كل 1000 مركب يتم اختباره في المختبر، يصل مركب واحد فقط إلى التجارب السريرية.
المكملات غياب الموافقة المسبقة عليها
في المقابل، لا تتطلب المكملات الغذائية أي موافقة مسبقة من FDA. وفقًا لقانون التعليم الصحي والتغذية لعام 1994 (DSHEA)، لا يُطلب من الشركات المصنعة تقديم أدلة على السلامة قبل بيع منتجاتها. ويعتمد دور FDA على مراقبة السوق بعد طرح المنتجات، مما يؤدي إلى استجابات بطيئة. على سبيل المثال، استغرق حظر مادة الإيفيدرا “السامة” 7 سنوات من الإجراءات القضائية.
المكمل الدواء: ما محله من الإعراب
هذا سؤال راودني و غالبا سيكون قد راودك إن كنت مهتم بالموضوع: “ماذا عن المكمل الغذائي الذي يشبه الدواء كونه يعالج أو يداوي مرض ما؟”
وجدت أنه على رغم تصنيف المكملات كأطعمة، إلا أن بعض المنتجات تتداخل مع الأدوية في طريقة عرضها أو تركيبتها. عندما يُروّج لمكمل بأنه “يعالج” أو “يمنع” مرضًا معينًا، فإنه يصبح قانونًا ضمن فئة الأدوية. لكنه بنفس الوقت لا يعابر دواء خاضع للرقابة.
كما أن بعض المكملات تحتوي على مكونات دوائية حقيقية دون إعلان ذلك.
- أشار تحقيق من مجلة wired إلى أن العديد من المكملات الغذائية تحتوي على مكونات دوائية غير مصرح بها، مثل الفياجرا والستيرويدات، دون علم المستهلكين.
مخاطر الأدوية و المكملات :
أعتقد أن أغلبكم يعلم أن الأدوية بالصيدليات لها مخاطر على الجسم، لذلك فهي لا تؤخذ سوى بوصفة طبية و لفترة زمنية محددة، عكس المكملات الغذائية التي أصبح يستعملها الجميع دون إشراف لأي خبير أو طبيب أخصائي، فدعونا نخصص لها بعض الفقرات:
ضعف الرقابة على صناعة المكملات
منذ 1994، تضخّمت سوق المكملات في أمريكا من 4 إلى أكثر من 40 مليار دولار. السبب؟ القانون يعتبر المكملات مثل الطعام، وليس مثل الدواء، لذا لا تُفحص المكملات جيدًا قبل بيعها.
بخلاف الأدوية، ليست هناك مراجعة مسبقة للسلامة أو الفعالية من إدارة الغذاء والدواء (FDA)، ولا تتدخل إلا بعد ظهور مشاكل. كما أن تعريف “المكمل” يختلف حسب البلد، على سبيل المثال “مكمل الميلاتونين“:
- يعتبر مكمل في أمريكا،
- دواء بوصفة في أستراليا.
- منتج طبيعي في كندا.
هذا يوضح أن الرقابة ضعيفة وغير موحدة، مما قد يعرّض المستهلك للخطر.
مخاطر الجرعة:
بعض المواد قد تكون مفيدة بجرعات صغيرة وضارة بجرعات كبيرة. هذا ينطبق على المكملات الغذائية، حيث يمكن أن تحقق فوائد محدودة عند جرعات مثالية، وتسبب ضررًا إذا تم تجاوزها.
الإجابة على الأسئلة الشائعة:
1. ما الفرق بين الدواء و المكمل الغذائي ؟
الفرق الأساسي هو أن الأدوية مصممة لعلاج أو الوقاية من أمراض محددة، وتخضع لاختبارات صارمة من قبل الجهات الصحية. أما المكملات الغذائية، فهي تهدف لدعم الصحة العامة أو تعويض نقص غذائي، وغالبًا ما تكون أقل رقابة من الأدوية.
2. هل يمكن استخدام المكملات بدلًا من الأدوية؟
بطبيعة الحال لا. المكملات لا تعالج الأمراض، ولا يمكن أن تحل محل الأدوية التي يصفها الطبيب. استخدامها كبديل قد يؤدي إلى تأخير العلاج وتدهور الحالة الصحية. لكن يمكن إستعمال المكملات كمساعد ثانوي للدواء الرئيسي.
3. لماذا تُباع المكملات بدون وصفة طبية؟
لأنها تُصنَّف كمنتجات غذائية، وليست كأدوية. لذلك يُسمح ببيعها في المتاجر والصيدليات بدون وصفة، لكن هذا لا يعني أنها دائمًا آمنة أو مناسبة للجميع.
4. هل من الممكن أن تكون المكملات مغشوشة؟
نعم، للأسف بعض المكملات تحتوي على مكونات دوائية أو غير طبيعية بدون ذكرها على الملصق. لذلك من المهم اختيار منتجات من شركات موثوقة ومرخّصة.
مقالة مخصصة حول: تعلم كيف تعرف المكملات الغذائية المغشوشة
5. هل تُباع المكملات الغذائية في الصيدليات؟
نعم، كثير من الصيدليات تبيع المكملات الغذائية إلى جانب الأدوية ومنتجات العناية الصحية. وجودها في الصيدلية لا يعني أنها خاضعة لنفس القوانين الصارمة المفروضة على الأدوية، بل تبقى ضمن فئة المنتجات الغذائية.
6. هل المكمل الغذائي الذي يُباع في الصيدلية يُعتبر دواءً؟
لا، حتى لو تم بيع المكمل في الصيدلية، فإنه لا يُعتبر دواءً. الأدوية تمرّ باختبارات صارمة وتُوصف لعلاج أمراض محددة، بينما المكملات تهدف فقط لدعم الصحة أو تعويض نقص غذائي، ولا يُسمح لها بادعاء علاج الأمراض.
خلاصة المقال:
الفرق التنظيمي بين الأدوية والمكملات يخلق واقعًا خطيرًا للمستهلكين. تخضع الأدوية لاختبارات صارمة، بينما يمكن للمكملات الوصول إلى الأسواق دون أي تقييم مسبق. وقد تحتوي بعض المكملات على مكونات قوية أو ضارة، دون علم المستهلك.
ومع ذلك، فإن استخدام المكملات بشكل معتدل ومدروس قد يكون مفيدًا. لكن من الضروري أن يبحث المستهلك عن المعلومات الموثوقة ويتعامل مع المكملات بحذر ووعي كامل.
