سؤال لطالما تبادر لذهننا و هو شائع بين ممارسي كمال الأجسام، ما الأفضل للعضلات : الإستحمام بالماء البارد ام بالماء الدافئ؟
اعتاد أغلب الأشخاص على الاستحمام بالماء الدافي، فهو يشعرنا بالدفئ و نحن معتادون عليه منذ الصغر، في حين الماء البارد بحتاج للإنضباط و الصبر في المرات الأولى قبل أن يعتاد عليه جسمك، كما أن هناك تخوفًا لدى البعض من استخدام الماء البارد و يربطونه بأمراض الزكام و البرد و صعوبة الصدمة الأولى .
في الحقيقة الماء البارد و الماء الدافئ كلاهما له فوائد للجسم ، لكننا في هذه المقالة سنخصصها للماء البارد و سنحاول فهم ما فوائد الإستحمام بالماء البارد للعضلات، و متى تستحم ؟ و كيف نقوم بذلك و غيرها من النصائح:
ما هو الماء البارد:
لا يمكنني أن أدخل لصلب الموضوع دون أن أشرح لكم ما هو الماء البارد، فهناك من لا يفرق بين الماء البارد و الماء المختلط بالثلج و الثلج هناك فرق كبير بينهم.
- الماء البارد: هو بالماء الذي يتراوح من 10 إلى 15 درجة مئوية (50 إلى 59 درجة فهرنهايت).
- الماء و الثلج : هو الماء الذي يتراوح من 5 إلى 10 درجة مئوية (36 إلى 50 ددرجة فهرنهايت).
- المياه المثلجة: الماء يتجمد عند 32 درجة فهرنهايت (0 درجة مئوية)
لذلك عندما نقول الإستحمام بالماء البارد فنحن نقصد الماء الذي تتراوح درجته بين 10 و 15 درجة مئوية، سواء صبه من أعلى رأسك أو غمر جسدك في حوض سباحة.
فوائد الإستحمام بالماء البارد للعضلات:
هناك عدة فوائد الإستحمام بالماء البارد على الجسم فهو يقوي المناعة و يقوي جلدك و يمنحك الإنتعاش و اليقظة و غيرها من الفوائد لكن إليك فوائد الماء البارد للعضلات :
1 / الماء البارد يعطيك طاقة:
يمكن للاستحمام البارد أن يوفر دفعة من الطاقة ويساعدك على الشعور بمزيد من اليقظة . فالماء البارد يحفز جسمك على زيادة معدل ضربات القلب والدورة الدموية، مما يمكن أن يعزز مستويات الطاقة لديك.
وجد باحثون تشيكيون أن الغطس في الماء البارد يمكن أن يزيد من تركيزات الدوبامين في الدم (هرمون السعادة الذي يتم إنتاجه في الدماغ) بنسبة 250٪ و هو و ما يشعرك يالسعادة و الحيوية و بالنشاط ، خاصة عندما يقترن بكوب من القهوة الداكنة.
2 / ينشط الدورة الدموية:
تكمن أهمية استخدام الماء البارد في زيادة تدفق الدم، والذي يحدث نتيجة الإجهاد الذي يبذله الجسم من أجل الحفاظ على درجة حرارته الأساسية عند تعرضه للماء البارد .
يساعد ذلك على زيادة تدفق الدم المؤكسد الغني بالأكسجين والمغذيات إلى أجزاء الجسم مثل العضلات و بالتالي التقليل من الشعور بالألم الناتج عن التمرين.
3 / يعزز التمثيل الغذائي:
أثبتت دراسات أن تعريض جسمك لدرجات حرارة باردة يعزز عملية التمثيل الغذائي. يحرق الجسم الدهون للتسخين في عملية تعرف باسم توليد الحرارة. إذا غمرت الجسم في البرد ، فسيؤدي ذلك إلى زيادة حرق الدهون بشكل كبير للحفاظ على توازن حرارة جسمك.
يعمل الغمر في الماء البارد على تنشيط الدهون البنية (دهون تتمركز بالعنق و الكتف و تساعد في الحفاظ على دفئ الجسم) وتساعده على التحكم في مستويات السكر والأنسولين في الدم. كما أنه يساعد الجسم على حرق السعرات الحرارية. اللأدلة العلمية لحد الأن غير متوفرة
4 / تقليل ألام العضلات:
في دراسة أدى الغمر في الماء البارد إلى تقليل آلام العضلات بشكل فعال وتسريع عملية التعافي من التعب.
يمكن أن يساعد الماء البارد أيضًا في تخدير الألم وتقليل الالتهابات، مما يجعل الاستحمام البارد مفيدًا لآلام العضلات أو التعافي بعد التمرين. “لا أنصحك بالماء البارد مباشرة بعد التمرين” سأشرح لا حقا لماذا.
5 / تحسين مزاجك
تظهر الأبحاث أن الاستحمام بالماء البارد يمكن أن يحسن استجابة الدماغ والجهاز العصبي ويزيد من مستويات بيتا إندورفين والنورادرينالين. ويمكن استخدام هذا كعلاج محتمل للاكتئاب.
بما أنك لاعب كمال الأجسام ستقول لي : سأذهب للجيم سواء كان مزاجي جيدا أم سيئاٌ. و أنا متفق معك فالجيم يتطلب الإنضباط و ليس حسب مزاجك، لكن يمكن أن يكون للمزاج المنخفض تأثيرا خطير على نمط حياتك بصفة عامة و يؤثر على نفسيتك و يزيد من توترك، مما سيحفز إفراز هرمون الهدم الكورتيزول، لذلك فأعتقد أن تحسين المزاج مهم للاعب كمال الأجسام سواء في تمرينك أو بحياتك بصفة عامة..
6 / تعزيز إفراز هرمون التستوستيرون !
كما ترون وضعت علامة تعجب، لأن هذه المعلومة نسمعها كثير : الإستحمام بالماء البارد يزيد من إفراز التستوستيرون.
إذاُ ماذا يقول العلم:
هناك دراسة وحيدة تجمع بين الماء البارد و زيادة هرمون التستوستيرون، أجريت عام 2017 حول تأثيرات العلاج بالتبريد لكامل الجسم على مختلف المعايير الفسيولوجية للرياضيين المدربين على سباقات السرعة. ولوحظ ارتفاع في هرمون التستوستيرون لمدة 24 ساعة عندما تعرض الأشخاص للعلاج بالتبريد خلال 20 دقيقة من جلسة التدريب على العدو. ومع ذلك، ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن التأثير كان نتيجة درجة الحرارة شديدة البرودة وليس التعرض للماء البارد. ولذلك، يظل تأثير الاستحمام البارد على هرمون التستوستيرون مرة أخرى غير حاسم في هذه الدراسة.
في حين هناك دراسة أخرى حول “تأثير التمارين البدنية والتحفيز البارد على مستويات هرمون التستوستيرون”. تؤكد النتائج أنه على الرغم من أن التمارين البدنية أدت إلى إنتاج هرمون التستوستيرون ، إلا أن الماء البارد خفض مستويات هرمون التستوستيرون بنسبة 10٪.
لذلك فلا يوجد دليل قاطع على الأمر ، سننتظر دراسات مستقبلية تأكد أو تنفي هذا الأمر
الإستحمام بالماء البارد عند الإستيقاظ :
إليك بعض الفوائد للإستحمام بالماء البارد في الصباح:
- الطاقة واليقظة: الاستحمام بالماء البارد في الصباح ينشط الجسم من خلال تحفيز الدورة الدموية. كما يمكن أن تساعد صدمة الماء البارد على إيقاظك وزيادة اليقظة وبدء يومك بإنتاجية أفضل.
- تعزيز الدورة الدموية: يحفز الماء البارد تدفق الدم ويمكن أن يعزز الدورة الدموية بشكل أفضل، مما يساعد على إيقاظ الجسم والعقل.
العلاقة بين الإستحمام بالماء البارد و النوم:
الاستحمام بالماء البارد قبل النوم يمكن أن يجعلك تشعر بمزيد من اليقظة ، مما قد يزيد من صعوبة الاسترخاء والنوم. ومع ذلك، يجد بعض الأشخاص أن الاستحمام بالماء البارد قبل النوم يمكن أن يساعدهم في الحصول على نوم أعمق وأكثر راحة.
هذا التضارب هو ما وجدته أيضا الدراسات:
- وجدت إحدى الدراسات أن الرياضيين الذين يغمرون أنفسهم في الماء البارد لمدة 10دقائق بعد التمرين المسائي، يعانون من انخفاض في درجة حرارة الجسم الأساسية، وانخفاض الاستيقاظ أثناء الليل، ونسبة أكبر من النوم العميق خلال الساعات الثلاث الأولى من النوم.
- في حين أن دراسات أخرى قالت أن الإستحمام بالماء البارد ليلا قد لا يحسن من النوم، فالإستحمام أو الغطس في حوض من الماء البارد يرفع مستويات هرمون الكورتيزول و نُورأدرينالين (الكورتيزول يعزز مستويات اليقظة).
لذلك فكما قلت الدراسات مختلطة و متضاربة في ما بينها ، و أيضا أراء الأشخاص فهناك من إعتاد على الإستحمام بالماء البارد لكونه يساعد في النوم العميق، في حين هناك أشخاص أخرين يتجنبون الإستحمام بالماء البارد لأنه يبقي الجسم مستيقظا، لذلك من الأفضل تجربة الأمر بنفسك ربما ذلك راجع لنوعية جسمك.
سلبيات الإستحمام بالماء البارد:
قد يكون الاستحمام بالماء البارد غير مريح عند البعض، خاصة إذا لم تكن معتادًا على الاستحمام بالماء البارد. قد تستغرق صدمة الماء البارد التي تصيب جسمك وقتًا للتكيف معها، ويجد بعض الأشخاص صعوبة في تحملها باستمرار.
بعض الأضرار قد تصيب الشخص نتيجة الماء البارد:
مخاطر انخفاض حرارة الجسم:
يمكن أن يؤدي الاستحمام بالماء البارد للغاية أو التعرض لفترات طويلة للماء البارد إلى زيادة خطر انخفاض حرارة الجسم، خاصة لدى الأفراد الذين يعانون من حالات صحية موجودة مسبقًا أو يعانون من انخفاض القدرة على تحمل البرد.
المخاطر الصحية لبعض الأفراد:
ربما لا يكون الاستحمام البارد مناسبًا للجميع، وخاصة الأفراد الذين يعانون من حالات طبية معينة، مثل أمرض القلب.
احتمال النوبة القلبية المفاجئة:
في دراسة نشرت في مجلة علم وظائف الأعضاء، والتي أوضحت أن الغمر المفاجئ في الماء البارد مضر لجسمنا. ويمكن أن يؤدي إلى سلسلة من الاستجابات العصبية التنفسية القلبية، تسمى استجابة الصدمة الباردة. يمكن أن يؤدي إلى اللهاث”فرط التنفس”، ضيق التنفس، والذعر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى إيقاعات غير طبيعية في القلب، ويؤدي إلى نوبة قلبية.
الإجابة على بعض الأسئلة:
ما الفرق بين الإستحمام بالماء البارد و الغمر في الماء البارد؟
يعد الاستحمام بالماء البارد هو خيار أقل خطورة لأن لديك سيطرة أكبر من حيث درجة الحرارة ووقت التعرض للماء البارد خصوصا إن كان شديد البرودة، ولكن الغمر بالماء البارد يكون بغمر جسمك بأكمله ما عدى رأسك في حوض من الماء البارد و يكون هذا الماء مختلط بالثلج أو مكعبات الجليد. فائدة حوض الماء البارد أنه يقسم برودة الماء على الجسم بشكل متساوي في حين نزول الماء من أعلى الرأس يفقدك هذه الميزة.
ما الأفضل بينهما:
صراحة كلاهما جيد و لكن لكوننا في الوطن العرب و درجة الحرارة لدينا عالية مقارنة بالأشخاص الذين يعيشون بالدول الاسكندنافية أو الروس أو بكندا… فالإستحمام بالماء البارد يعد كافي للحصول على الفوائد المرجوة.
الغمر بالماء البارد يسمى العلاج بالتبريد و تكون درجة الماء باردة للغاية أحيانا، بحيث لا تتجاوز مدة الغمر دقيقتين مع وجود مراقب لك في تلك الحالة حتى تكون باَمن أكثر.
أعتقد أن الماء البارد يعتبر كافي دون الحاجة للماء المثلج ،لكن إذا أردت أن تجرب الغمر في الماء المثلج فلا بد أن تكون معتادا على الإستحمام بالماء البارد أولا، و ثانيا أن يكون معك شخص يراقبك لتأمين نفسك.
كم يستغرق الإستحمام بالماء البارد:
في الحقيقة لا توجد مدة معينة متفق عليها فالأمر يختلف حسب الشخص و قدراته و حسب برودة الماء فكلما كانت باردة قلة المدة.
إذا قررت ممارسة الاستحمام بالماء البارد، يمكنك أن تظل تحت رشاش الماء لمدة 5 دقائق او أكثر ولكنك لن ترغب في قضاء وقت أطول بكثير لكونك ستضيع الكثير من الماء، لذلك إذا أردت مدة أطول فمن الأفضل غمر جسمك بحوض من الماء البارد و ستكون المدة حسب برودة الماء كالتالي:
- درجة حرارة الماء 10-15 درجة مئوية : حوالي 10 دقائق .
- درجة حرارة الماء 8-10 درجة مئوية : ما بين 2-3 دقائق.
- درجة حرارة الماء أقل من 8 درجة مئوية : دقيقة تقريبا تعتبر كافية .
و كما قلت لكم من قبل ، الأمر راجع لبنية الشخص و قدرة تحمله فلا يمكن أن نقارن بين شخص يعيش في مناخ صحراوي مع شخص من شمال كندا يعيش في جو بارد ومعتاد على درجة حراة منخفضة، فالثاني لديه قدرة تحمل أكبر للماء البارد و المثلج.
ماهي درجة حرارة الماء البارد المناسبة لي؟
كما أخبرتك لا توجد إجابة دقيقة ، فالماء الذي تشعر أنت بأنه بارد إذا وضعنا به شخص من الدول الإسكندنافية سيقول لك هذا ماء دافئ، لكن إليك طريقة بسيطة لتعرف درجة الماء البارد المناسب لك:
بدلًا من الإهتمام بدرجة الحرارة، إهتم بالشعور. عندما تكون في الحمام البارد، يجب أن يكون الأمر غير مريح ويجب أن ترغب في الخروج، و هذا دليل على أن جسمك يتفاعل مع الماء البارد بإعتباره غريب ومزعج. و مع الأيام و الأسابيع يمكنك تخفيض درجة حرارة الماء أكثر. ولكن لا تنسى أنه يجب أيضًا أن تكون قادرًا على البقاء فيه بأمان.
هل أستطيع الإستحمام بالماء البارد بعد التمرين مباشرة؟
هذه أهم فقرة أريدك أن تركز لتفهم و لا تضيع مجهوداتك بالتدريب:
صحيح هناك بعض الفوائد من الإستحمام بالماء البارد ، فقد أثبتت عدة دراسات أنه يحفز الدورة الدموية و يساعد في تخفيف آلام العضلات بعد التمرين .
لكن ما لا يعرفه الغالبية العظمي، أن الإستحمام بالماء البارد أو الغمر في الماء البارد مباشرة بعد التدريب يمكن أن يبطئ البناء العضلي لديك. وفقًا لدراسة، فإن تعريض عضلاتك للماء البارد بعد حصة مكثفة من تمارين المقاومة “الأوزان” يقلل من قدرة العضلات على امتصاص و توجيه الأحماض الأمينية المشتقة من البروتين الغذائي ، بالإضافة إلى ذلك، فإن الغمر في الماء البارد لتخفيف الألم العضلي من تمارين المقاومة يقلل من معدلات تخليق البروتين الليفي العضلي و يحد من البناء العضلي.
لذلك نصيحتي لك تجنب الماء البارد بعد التمرين مباشرة و إجعل هناك فرق بينهما حوالي 3 ساعات، ستقول لي و لكنني أريد الإستحمام بعد التمرين سأقول لك إستحم بالماء الدافئ و إبحث عن وقت أخر بعيد عن الحصة التدريبية و عرض جسمك للماء البارد.
إذا فكرت قليلا، فالألام العضلية نتيجة التمرين لا تكون مباشرة بعد التمرين وإنما بعد 12 ساعة أو أكثر لذلك فلا زال يمكنك الإستفادة من الماء البارد لتخفيف الألم العضلي.
خلاصة:
لقد تكلمنا في هذه المقالة عن فوائد الإستحمام بالماء البارد أو الغمر في الماء البارد على صحتك الجسدية والعقلية، و وضحنا كيف يمكن للإستحمام بالماء البارد أن يساعد في تحسين نمط حياتك و مدك بالطاقة و اليقظة و تنشيط الدورة الدموية، و المساعدة في التخلص من الالم العضلي الناتج عن التمرين و غيرها من الفوائد، وأنه لتحقيق هذا ينبغي أن تكون هناك شروط من ضمنها إختيار درجة الماء المناسبة لك و المدة الكافية و تجنب الماء البارد مباشرة بعد التمرين .
و بالأخير يجب أن تعلم أن الإستحمام بالماء البارد ليس هو تلك الحبة السحرية التي ستيغر حياتك و إنما هي وسيلة عليك تجربتها بنفسك لترى النتائج بنفسك و تقرر ما يناسبك .
