عندما تقترب ساعة الصفر ويقف اللاعب على منصة البطولة، تكون كل التفاصيل الصغيرة مهمة… حتى تلك التي لا يلاحظها الجمهور العادي. واحدة من هذه التفاصيل هي تنشيف الجسم من الماء لإبراز العضلات بشكل أوضح.
خلال سنوات عملي كمدرب، تعاملت مع العديد من اللاعبين الذين خاضوا هذه المرحلة الصعبة، ورأيت كيف يمكن للتحضير الجيد أن يحدث فرقًا هائلًا في النتيجة النهائية.
في هذا المقال، سأشاركك خطوات تنشيف الجسم من الماء قبل البطولة، مع نصائح عملية وتجارب واقعية، مع التأكيد أن هذه الخطوات مخصصة للاعبي كمال الأجسام أو الرياضيين المحترفين وتحت إشراف مختص،و أنه لا يمكنك الإستمرار عليها لمدة طويلة.
ما هو تنشيف الجسم من الماء ولماذا هو مهم
تنشيف الماء أو التخلص من الماء هو عملية تقليل نسبة الماء تحت الجلد، بحيث تظهر العضلات أكثر تحديدًا وبروزًا. هذه المرحلة تأتي عادة في آخر أسبوع قبل البطولة، وتكون مكملة لمرحلة التنشيف من الدهون التي تستمر لأسابيع أو أشهر.
الهدف ليس إنقاص الوزن فحسب، بل التحكم في شكل العضلات وجعلها أكثر امتلاءً وصلابة على المسرح.
الفرق بين خسارة الدهون وخسارة الماء
للأسف الكثير من الرياضيين المتابعين لصفحاتنا يخلطون بين خسارة الدهون وخسارة الماء، فلكل منهما خصائص وتأثير مختلف على الجسم:
خسارة الدهون:
تشير إلى فقدان الأنسجة الدهنية المخزنة في الجسم، وهي عملية بطيئة تتطلب عجزًا في السعرات واستمرارية. هذا النوع من النقص يُحسّن مظهر العضلات ويبرزها بوضوح.خسارة الماء:
هي إزالة السوائل الزائدة من تحت الجلد، وتحدث خلال فترة قصيرة (عادة في آخر أسبوع قبل العرض أو التصوير مثلا). الهدف منها هو تحسين فصل العضلات و”نحت” الجسم بصريًا، لكن الإفراط فيها قد يُسبب مشاكل صحية و سنذكرها بعد قليل.
مقالة حول: “أهمية شرب الماء لبناء العضلات”
خطوات تنشيف الجسم من الماء قبل البطولة
1. تحميل الماء (Water Loading)
في بداية الأسبوع الأخير قبل يوم العرض، نقوم بزيادة كمية الماء التي يشربها اللاعب بشكل كبير و تدريجي — أحيانًا تصل إلى 6-7–9 لترات يوميًا. الهدف من هذه الخطوة هو جعل الجسم يشعر بأن هناك فائض من الماء فيبدأ يعتاد على طرد الماء الزائد تلقائيا.
مثلا 10 أيام قبل البطولة أقوم بشرب 4 لترات من الماء، و في اليوم الموالي أجعلها 4- 5 لترات، ثم اليوم 8 قبل البطولة أشرب ما بين 5-6 لترات من الماء باليوم، و السوم السابغ ممكن تصل ل 7 لترات أو أكثر حسب وزن الشخص..
من تجربتي، عندما يتبع اللاعب هذه الخطوة بدقة، يكون من السهل لاحقًا التحكم في جفاف الجسم وإبراز التفاصيل العضلية.
2. تقليل الماء تدريجيًا
بعد يومين أو ثلاثة من التحميل، يعني قبل 5 أيام من يوم العرض نبدأ في تقليل كمية الماء تدريجيًا بحيث. في اليوم الأخير قبل البطولة، قد يصل اللاعب إلى شرب كميات صغيرة جدًا — أحيانًا مجرد رشفات لترطيب الفم.
لكن يجب أن يتم هذا بحذر شديد، لأن الجفاف الزائد يمكن أن يؤثر على الأداء والصحة.
- وجدت إحدى الدراسات أن تقنية “تحميل الماء” (تناول كميات كبيرة من الماء لعدة أيام ثم تقييده) أدت إلى زيادة فعالية إخراج السوائل عند التقييد، دون تأثير سلبي على الأداء البدني أو توازن الإلكتروليتات.
3. التحكم في الصوديوم والبوتاسيوم
للتحكم في كمية الماء بالجسم، عليك أن تجيد التحكم أو بلغة التي نستعملها في هذا الميدان “التلاعب” بالصوديوم (الملح) هو المسؤول عن احتباس الماء “مصدر“، لذلك يتم تقليله تدريجيًا أو يمكنك أن تلعب به مثل الماء ، رفعه قليلا بالبداية ثم تقليله تدريجيا، لحين إضافة قليل من الصوديوم مع الكربوهيدرات قبل الصعود على المسرح.
و أيضا البوتاسيوم كونه يساعد على إخراج الماء من الخلايا، لذا قد نقوم بزيادته قليلًا من خلال مصادر طبيعية مثل الموز أو البطاطا الحلوة. “المصدر“
هذه المعادلة بين الصوديوم والبوتاسيوم حساسة جدًا، وأي خطأ قد يسبب مشاكل مثل تشنج العضلات أو انخفاض الضغط.
التحذيرات
- لا تقلل الصوديوم فجأة لأيام طويلة، لأن الجسم سيعوض ذلك بزيادة هرمونات احتباس الماء (ألدوستيرون).
- لا ترفع البوتاسيوم أكثر من اللازم بسرعة، لأن زيادة البوتاسيوم قد تسبب اضطرابًا خطيرًا في ضربات القلب.
4. التلاعب بالكربوهيدرات (Carb Loading)
التحكم بالكارب في أسبوع الذروة تبدأ عادةً بتفريغ مخازن الجليكوجين عبر تقليل الكربوهيدرات بشكل كبير من اليوم 7 إلى 4، ثم يبدأ التحميل التدريجي في اليوم 3 بكمية معتدلة (حوالي 3 جم/كجم) لبدء تعبئة العضلات، يليها تحميل عالي في اليوم -2 (4–6 جم/كجم) للوصول إلى أقصى امتلاء أو بومب، ثم تخفيف الكمية في اليوم الأخير قبل البطولة (3–4 جم/كجم) لتحسين المظهر وتقليل خطر احتباس الماء، وأخيرًا في يوم العرض يتم تناول كميات صغيرة كل 2–3 ساعات للحفاظ على الامتلاء والحدة دون التسبب في انتفاخ “إحتباس الماء تحت الجلد”.
- حسب إحدى الدراسات فكل 1 جرام جليكوجين يخزنه الجسم يسحب معه حوالي 3 جرام ماء إلى داخل العضلة
عند تحميل الكارب مع توازن دقيق للصوديوم والبوتاسيوم، ينتقل الماء والجلوكوز إلى الخلايا العضلية بدل تراكمهما خارجها، وهو ما يعطينا نشفان واضح وامتلاء مثالي يوم العرض “بومب و حجم عضلي أكبر”.
مثال عملي (تبسيطي)
- أيام التفريغ (-7 إلى -4): كارب منخفض جدًا → مخازن الجليكوجين شبه فارغة → العضلات تبدو مسطحة أو ما نطلق عليه فلات.
- أيام التحميل (-3 إلى -1): تبدأ بجرعات محسوبة من الكارب → الجليكوجين يدخل للعضلة ومعه ماء → الجلد يصبح أنحف والمظهر مشدود.
نقطة مهمة جدًا
لو حمّلت الكارب بشكل مبالغ فيه أو من مصادر تسبب احتباس (مثل وجبات عالية الدهون أو عالية الصوديوم فجأة)، ممكن الماء يروح تحت الجلد بدل العضلة وتخسر المظهر “النشيف” في يوم العرض.
ما معنى "العضلات الفلات" (Flat Muscles)
ربما سمعت هذا المصطلح يقوله أحدهم على مظهر جسم شخصا ما بالمسرح، و يعني هذا المظهر الذي تبدو فيه العضلات ناعمة وغير ممتلئة “منكمشة”، حتى مع انخفاض نسبة الدهون. يعود ذلك غالبًا إلى:
- نقص الكربوهيدرات
- نقص البوتاسيوم أو الصوديوم
- جفاف مفرط ، تخسر العضلة حجمها.
كيفية تجنبه:
- زيادة الكربوهيدرات تدريجيًا في نهاية الأسبوع “كما قلنا”
- عدم قطع الصوديوم بشكل مبالغ فيه.
- مراقبة الاستجابة اليومية للجسم.
5. التمارين الخفيفة والكارديو
في الأيام الأخيرة، نتجنب التمرين المكثف ونركز على تمارين الضخ (Pump) للحفاظ على تدفق الدم للعضلات.
الكارديو يكون خفيفًا لتجنب الإرهاق أو خسارة الكتلة العضلية.
هناك كتيب إلكرتوني على موقعنا يمكنك حميله مجانا.
مخاطر وتحذيرات التخلص من الماء قبل البطولة
تنشيف الجسم من الدهون ليس هو تنشيفه من الماء، التحلص من الماء ليس لعبة، وقد يكون خطرًا إذا تم بطريقة غير مدروسة و لا ينبغي أن تستمر عليه لأكثر من 3 أيام. و رغم ذلك فالمخاطر تشمل:
- الجفاف الشديد.
- انخفاض ضغط الدم.
- اختلال الأملاح والمعادن.
- مشاكل في الكلى.
لذلك، يجب دائمًا القيام بهذه الخطوات تحت إشراف مدرب أو مختص تغذية رياضية.
خلاصة تجربتي مع العملاء من ناحية تنشيف الماء قبل البطولة
من خلال عملي مع عدة لاعبين، لاحظت أن نجاح مرحلة تنشيف الماء يعتمد على التخطيط المسبق والانضباط. اللاعب الذي يلتزم بالتعليمات بحذافيرها يظهر دائمًا على المسرح في أفضل صورة، أما من يتهاون فقد يعاني من فقدان الامتلاء أو حتى مشاكل صحية.
و تذكر أنه غالبا بالتجربة الأولى للشخص تكون هناك بعض الأخطاء البسيطة من ناحية التحميل و التلاعب الإلكتروليتات “الصوديوم و اليوتاسيوم..”، لذلك الوصول إلى نشفان عضلي مثالي يتطلب مزيجًا من العلم والتجربة. لا توجد وصفة سحرية تناسب الجميع، بل يجب مراقبة الجسم وفهم استجابته.