يعاني عدد كبير من المتدربين، سواء مبتدئين أو متقدمين، من ضعف أو صِغر حجم الكتف الخلفي رغم التزامهم بتمارين الأكتاف بشكل منتظم. السبب في الغالب ليس قلة التمرين، بل سوء إختيار التمارين أو الفهم الخاطئ لدور هذه العضلة المهمة.
في هذه المقالة ستتعرف على أقوى 5 تمارين الكتف الخلفي، مع شرح عملي مبني على تشريح العضلة وأفضل الطرق لـ تقوية وتضخيم الكتف الخلفي لتحسين تكويرة الكتف بشكل آمن وفعّال.
تشريح الكتف الخلفي و أهميته:
تشريح الكتف الخلفي:

تتكون عضلة الكتف من ثلاثة رؤوس رئيسية:
- الرأس الأمامي – الكتف الأمامي
- الرأس الجانبي – الكتف الجانبي
- الرأس الخلفي – الكتف الخلفي
من الناحية التشريحية، تُعد عضلة الكتف الخلفي (Posterior Deltoid) جزءًا أساسيًا من عضلة الدالية، وليست من عضلات الظهر كما يعتقد البعض. تنشأ هذه العضلة من الجزء الخلفي لعظمة لوح الكتف (Scapular Spine)، وتصب في عظمة العضد، وهو نفس نمط اتصال باقي رؤوس عضلة الكتف، الأمامي والجانبي. هذا الارتباط المباشر بمفصل الكتف هو السبب الرئيسي في تصنيفها ضمن عضلات الأكتاف وليس الظهر.
أهمية عضلات الكتف الخلفي:
من ناحية القوة:
- تلعب عضلة الكتف الخلفي دورًا محوريًا في القوة الوظيفية للجسم، فهي مسؤولة عن حركات السحب للخلف وتثبيت مفصل الكتف أثناء الجهد. في الحياة اليومية، يتم الاعتماد على الكتف الخلفي بشكل غير مباشر في أعمال مثل سحب الأبواب، حمل الأغراض، رفع الأشياء من الأرض، أو حتى الجلوس بوضعية صحيحة أمام المكتب. ضعف هذه العضلة يؤدي غالبًا إلى إجهاد الكتف الأمامي وآلام أعلى الظهر بسبب اختلال التوازن العضلي.
- يساهم الكتف الخلفي في دعم عضلات الظهر العلوي، خصوصًا أثناء تمارين التجديف، العقلة، والسحب بالكابل، حيث يعمل كحلقة وصل بين الذراع والظهر، ويُحسّن نقل القوة ويزيد من الثبات أثناء الحركة. كما يلعب دورًا مهمًا في استقرار لوح الكتف بالتعاون مع عضلة الترابيس، مما يساعد على رفع الأكتاف والتحكم بها بشكل صحي دون ضغط زائد على المفصل.
من ناحية الجمالية:
- تطوير عضلة الأكتاف الخلفية يمنح الأكتاف مظهرًا ممتلئًا ومتوازنًا عند النظر من الجنب أو الخلف، ويُبرز انفصال الكتف عن الذراع والظهر. الأكتاف القوية من الخلف تُعطي للجسم عرضًا وشكلًا رياضيًا متناسقًا، وتمنع المظهر المنحني أو المتقوس للأمام الذي يفسد الشكل المستقيم.
أقوى 5 تمارين للكتف الخلفي
1. تمرين الرفرفة الخلفية بالدمبل

تُعد الرفرفة الخلفية بالدمبل من أكثر التمارين فعالية في عزل عضلة الكتف الخلفي والتحكم في مسار الحركة بشكل طبيعي، لأن الدمبل يسمح بحرية أكبر للمفصل مقارنة بالآلات. ما يميز هذا التمرين هو قدرته على كشف نقاط الضعف بين الجانبين الأيمن والأيسر، مما يساعد على تصحيح الاختلال العضلي. كما يُجبر المتدرب على الاعتماد على الكتف الخلفي دون مساعدة كبيرة من الترابيس أو الذراع، خصوصًا عند استخدام أوزان معتدلة و ليس الثقيلة.
التكنيك الصحيح للأداء:
- انحنِ للأمام بزاوية 30–45 درجة مع استقامة الظهر
- أمسك الدمبلز وابدأ الحركة من أسفل بشكل متحكم
- ارفع الذراعين للخارج مع ثني خفيف في المرفقين
- ركّز على عصر الكتف الخلفي في أعلى الحركة
- تجنب التأرجح أو استخدام الزخم
- يمكنك أيضًا أداء التمرين جالسا و أنت مائل إلى الأمام
المجموعات والتكرارات:
- 3–4 مجموعات
- 12–15 تكرار
- وزن متوسط مع تحكم كامل
2. تمرين الفيس بول بالكابل(Face Pull)

يُصنف تمرين الفيس بول كواحد من أهم التمارين الوظيفية للكتف الخلفي، وليس فقط تمرين تضخيم. يتميز هذا التمرين بدمجه بين تقوية الكتف الخلفي، الترابيس الوسطى والسفلية، وعضلات التدوير الخارجي للكتف، مما يجعله مثاليًا لتحسين استقرار مفصل الكتف.
تكمن قوته في كونه تمرينًا وقائيًا بامتياز، إذ أظهرت دراسات في مجال إعادة التأهيل أن حركات السحب مع الدوران الخارجي (كما في الفيس بول) تساهم في تقليل الضغط على مفصل الكتف وتحسين ميكانيكية لوح الكتف، وهو ما يجعله أساسيًا لمن يعانون من آلام الكتف أو وضعية الأكتاف المتقدمة للأمام.
التكنيك الصحيح للأداء:
- اضبط البكرة على مستوى الوجه
- اسحب الحبل باتجاه الوجه وليس الصدر
- أثناء السحب افتح المرفقين للخارج مع دوران خارجي للكتف
- توقف لحظة في نهاية الحركة
- حافظ على الصدر مرفوعًا والكتفين للخلف
المجموعات والتكرارات:
- 3–4 مجموعات
- 12–15 تكرار
- مثالي في نهاية التمرين
3. تمرين الرفرفة الخلفية بالكابل

تتميز الرفرفة الخلفية بالكابل بكونها توفر توترًا عضليًا مستمرًا على عضلة الكتف الخلفي طوال نطاق الحركة، وهو عامل مهم في تحفيز التضخيم العضلي. على عكس الدمبل، لا يختفي الشد في أسفل الحركة، مما يجعل العضلة تحت ضغط دائم.
هذا التمرين مناسب جدًا للمتدربين المتقدمين الذين يبحثون عن تحسين الاتصال العصبي العضلي (Mind-Muscle Connection).
- أظهرت دراسات في تدريب المقاومة أن التوتر المستمر وزمن الشد الأطول يرتبطان بزيادة الاستجابة التضخيمية، خصوصًا في العضلات الصغيرة مثل عضلة الأكتاف الخلفية.
التكنيك الصحيح للأداء:
- استخدم بكرتين متقابلتين
- إضبطهما على مستوى الوجه أو آعلى قليلا
- ابدأ الذراعين متقاطعتين أمام الجسم
- افتح الذراعين للخارج ببطء
- تجنب ثني المرفقين كثيرا أثناء السحب
- تحكم في الحركة السلبية
- لا ترفع الأوزان فوق مستوى الكتف
المجموعات والتكرارات:
- 3 مجموعات
- 12–15 تكرار
- راحة قصيرة 45–60 ثانية
4. الرفرفة الخلفية على جهاز الفلاي

حسب الأبحاث يُعتبر هذا الجهاز من أكثر التمارين دقة في استهداف عضلة الأكتاف الخلفية فقط، مع تقليل شبه كامل لتدخل الذراع أو أسفل الظهر. يتميّز بإمكانية الحفاظ على وضعية ثابتة للجذع، مما يسمح بتركيز الانقباض العضلي في أقصى مداه.
هذا التمرين مناسب جدًا كـ “Finisher” في نهاية التمرين، حيث تُظهر الأبحاث أن التمارين ذات العزل العالي والتكرارات المتوسطة إلى العالية تُحسّن الامتلاء العضلي وتزيد من ضخ الدم (Muscle Pump)، وهو عامل مهم في تحسين الشكل الجمالي للكتف الخلفي.
التكنيك الصحيح للأداء:
- اجلس بثبات وظهرك مستقيم
- ابدأ الحركة من الكتف وليس الذراع
- افتح الذراعين للخلف ببطء
- توقف لحظة في أقصى انقباض
- لا تسرّع الحركة
المجموعات والتكرارات:
- 3 مجموعات
- 12–15 تكرار
- تركيز عضلي عالٍ
5. تمرين Smith Rear Delt Row

يتميّز هذا التمرين بكونه تمرينًا مركبًا موجّهًا يستهدف الكتف الخلفي بوزن أعلى مقارنة بتمارين العزل، مع تحكم أفضل بفضل مسار جهاز السميث. عند استخدام قبضة واسعة وسحب البار باتجاه أعلى الصدر، يتحول التركيز من الظهر إلى الكتف الخلفي والترابيس الوسطى.
تكمن أهمية هذا التمرين في دوره في تضخيم الكتف الخلفي بالقوة (Mechanical Tension)، وهو عامل رئيسي في النمو العضلي وفقًا للأبحاث الحديثة، حيث إن الجمع بين الشد العالي والتحكم في المسار يساهم في تحفيز ألياف عضلية يصعب استهدافها بتمارين العزل فقط.
التكنيك الصحيح للأداء:
- اضبط البار أسفل الصدر
- قبضة واسعة نسبيًا
- اسحب البار باتجاه أعلى الصدر
- ارفع المرفقين للخارج
- حافظ على انحناء خفيف في الجذع
المجموعات والتكرارات:
- 3–4 مجموعات
- 8–12 تكرار
- وزن متوسط إلى ثقيل مع تحكم
تجربتي الشخصية في تضخيم الكتف الخلفي
من خلال تجربتي في تدريب الكتف الخلفي، لاحظت أن أفضل النتائج لا تأتي من كثرة التمارين، بل من حسن اختيارها وترتيبها داخل الحصة. لذلك أحرص دائمًا على اختيار تمرين واحد يركز على التكنيك والتحكم العضلي باستخدام أوزان متوسطة، مثل الرفرفة الخلفية بالكابل، لأنها تسمح لي بالحفاظ على شد مستمر على عضلة الكتف الخلفي وتحسين الاتصال الذهني بالعضلة دون تدخل مفرط من الذراع أو الترابيس. هذا التمرين يساعدني على تفعيل الكتف الخلفي بشكل دقيق قبل الانتقال إلى الأحمال الأعلى.
بعد ذلك، أُنهي حصة تدريب الكتف بتمرين أقوى وهو التجديف بالبار قبضة واسعة، حيث يمكنني رفع أوزان أعلى مع الحفاظ على استهداف واضح للكتف الخلفي، خاصة عند رفع المرفقين للخارج وسحب البار باتجاه أعلى الصدر. هذا الأسلوب، الذي يجمع بين تمرين تحكم وتمرين قوة، يمنح الكتف الخلفي تحفيزًا متكاملًا من ناحية التوتر العضلي والضغط الميكانيكي الضروري للتضخيم.

